أحمد ڤايد صالح رجل الساعة القوي؟


Untitledgf

djazairnews
تفجر لويزة حنون زعيمة حزب العمال التروتسكية، قنبلة أخرى خلفت هي بدورها تساؤلات مريبة في أوساط الإعلاميين والمراقبين، عندما أعلنت يوم الخميس الفارط ، أنها ستلتقي بنائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الوطني الفريق أحمد ڤايد صالح، وذلك على طلبها بمقابلته، بحيث أودعت الطلب منذ شهور.. ما التفسير الذي يمكن إعطاؤه لذلك، خاصة وأن زعيمة حزب العمال، كانت طيلة مسارها من بين الفاعلين المطالبين بإبعاد المؤسسة العسكرية عن الحقل السياسي؟! ثم كيف يمكننا قراءة مثل هذا اللقاء في ظل حالة الصراع السياسي الغامض على صعيد القمة؟!

هناك أربعة مؤشرات واضحة تدل أن ثمة توجه جديد في ميزان القوة في سرايا الحكم، وكلها تدل على الأقل ضمن المشهد الحالي للمعطى الراهن، أن فاعلا قويا أصبح يلقي بظله على اللعبة السياسية من حيث صناعة ميزان القوة والقرار، وهذا الفاعل، والرجل القوي الجديد الذي أصبح نفوذه يتعاظم بشكل دقيق وبدون لبس، هو نائب وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان الفريق أحمد ڤايد صالح.. والمؤشرات الأربعة يمكن إجمالها كما يلي:

1ـ توقيف نائب توفيق الجنرال حسان بشكل مثير للجدل.. بغض النظر عن الخلفيات، فالجنرال حسان المسؤول الأول عن عملية مكافحة الإرهاب، والذي ذاع صيته كرجل قوي طيلة هذه السنوات العشرين، قد أبعد من منصبه وأحيل على التقاعد في ظل نفوذ ڤايد صالح المتعاظم، ولم يكن يحدث ذلك في ظروف أخرى.. ويكون ڤايد صالح باعتباره الرجل القوي في المؤسسة العسكرية قد أقدم على ما كان ينظر إليه أنه من الطابوهات أو المناطق من الصعوبة الاقتراب منها.. فهو قد جرب 49 مسؤول استعلامات من كل عناصر نواته الصلبة، وهذا ما جعل المراقبين ينتظرون سقوط آخر رجل داخل قلعة الإستخبارات وهو الجنرال توفيق. وعلى المستوى الرمزي، تمكن الفريق ڤايد صالح من تحقيق ما لم يكن في الخيال منذ سنوات، وحتى وإن كان القرار السياسي على مستوى الرئيس، إلا بحدوث وجود رجل متعاظم النفوذ مثل الڤايد ما كان الرئيس يمضي مثل هذا القرار، ولا أن تطلق بعض الألسنة من معقلها في عملية نقدها لأعتى جهاز في المؤسسة العسكرية. ولقد اعتبر مراقبون مثل هذه الخطوة مؤشرا على خطورة الوضع، وعلى غموضه، لكن كذلك على بداية جديدة لوجهة ميزان القوة الذي بدأت ملامحه تعلن عن نفسها شيئا فشيئا، وتدخل مثل هذه العملية في استراتيجية إضعاف الجميع من طرف اللاعب المريب والأساسي لتضييق مساحة مناورتهم بشكل تدريجي..

2ـ أما المؤشر الثاني فيكمن في تلك الدلالة الصريحة التي احتوت عليها رسالة بوتفليقة إثر الكارثة التي ألمت بالمسافرين على متن الطائرة العسكرية، فالعزاء وجهه الرئيس إلى نائبه باعتباره وزير الدفاع، وليس إلى الجيش بشكل عام.. وهذا يكشف عن مدى المكانة والرتبة الفعلية التي أصبح يحظى بها الڤايد صالح في صناعة ميزان القوة.. بل حتى الإشارة التي أبان من خلالها الرئيس ضرورة الحفاظ على وحدة الجيش لا يمكن فهمها فقط أنها موجهة إلى عمار سعداني المقرب من محيط الرئيس ومن ڤايد صالح نفسه، بل قد تكون العكس، هي موجهة إلى بعض الضباط السامين، ومنهم الجنرال حسين بن حديد، مستشار وزير الدفاع زروال سابقا، الذي أدلى بحوار لجريدتي الوطن والخبر منتقدا فيه ڤايد صالح ومنتصرا فيه للجنرال توفيق، بحيث أن صالح من أنصار العهدة الرابعة.. وعلى المستوى الضمني تكشف الرسالة عن تحالف جديد بين الرئيس بوتفليقة ونائبه وزير الدفاع ڤايد صالح، وهذا التحالف يقوم على دعم هذا الأخير لعهدة رابعة وبالمقابل يصبح صاحب الكلمة الفعلية داخل المؤسسة العسكرية أي عكس ما حدث في رئاسيات 2004، بحيث انعقد حلف مقدس بين بوتفليقة وتوفيق ضد الجنرال العماري الذي كان ممثلا للمؤسسة العسكرية في حين أضحى للمخابرات كلمتها الفعلية وبالتالي مساندتها الحاسمة من طرف الرئيس بوتفليقة، وكانت نتيجة ذلك تقديم الجنرال محمد عماري استقالته وكذلك إحالة بعض رجاله على التقاعد… وما يحدث الآن هو العكس، بحيث مست العملية إبعاد الضباط السامين الموالين لتوفيق وإحالتهم على التقاعد..

3ـ يمكن قراءة الحوار الذي أدلى به الجنرال حسين بن حديد مؤخرا لجريدتي الخبر والوطن تعبيرا عن قلق وتخوف من تعاظم نفوذ ڤايد صالح وتحوله إلى الرجل القوي في الساحة على مستوى التأثير في صناعة القرار المتعلق بمسألة العهدة الرابعة، لكن كذلك بصياغة المشهد السياسي القادم.. وتكشف الإنتقادات الحادة الموجهة لڤايد صالح، أن الرجل يزداد قوة حتى وإن قال الجنرال حسين بن حديد أن ڤايد يحظى بتلك المكانة داخل المؤسسة ليس لأن العسكر يحبونه، بل لأنهم يخشونه بحكم السلطة التي هي بين يديه، لكن ذلك لا يقلل من شأن وزن الرجل، الذي اختار أن يتصرف بشكل غير مسبوق. ويعلق آخرون أن مثل هذا السلوك الذي يتصرف به ڤايد صالح يجعل منه، وربما بدون رغبة مباشرة، مواصلة ذلك الأسلوب في توظيف النفوذ الذي كان لدى سابقيه من العسكريين مثل بومدين عندما كان وزيرا للدفاع، ثم الشاذلي الذي كان يشغل أعلى مرتبة في الجيش ليصبح على رأس الحكم بعد النزاع الذي نشب بين يحياوي وبوتفليقة غداة وفاة بومدين، والمناورة التي كان يديرها جهاز الإستخبارات بقيادة قاصدي مرباح، ثم أخيرا ليامين زروال الذي لعب دورا حاسما في عز الأزمة أولا كوزير دفاع أثناء الوفاق الوطني الذي جعله رئيسا للدولة ليصبح رئيسا في 1995 قبل أن يقرر الإستقالة في نهاية التسعينيات.

4ـ أما المؤشر الأخير، فيتمثل في خرجة لويزة حنون وهذا بعدما دافعت عن المؤسسة العسكرية والاستعلامات ضد هجومات عمار سعداني، وهي بلقائها للفريق ڤايد صالح، تكشف كذلك أنها بشكل غير مباشر ليست في صف توفيق، بل اختارت الرجل القوي داخل المؤسسة العسرية في الطرف غير المناوئ للعهدة الرابعة وهذا ما يمكن أن تسير لويزة حنون على نهجه خلال الأيام المرتقبة التي قد يعلن فيها بوتفليقة عن توجهه مجددا لعهدة أخرى، وفي أسوأ الأحوال عن تزكيته للرجل الخليفة وذلك بدعم من الفريق ڤايد صالح…

وأمام هذه السجالات التي غذتها مؤخرا في الساحة السياسية التصريحات والمواقف المدوية والصارخة، لا يمكن النظر إلى مثل هذه المؤشرات التي كلها تصب في الأهمية التي بدأ يتميز بها الفريق ڤايد صالح داخل السرايا إلا دليل على ميلاد رجل قوي.. لكن إلى أي مدى هذه القوة الصاعدة والمتعاظمة قادرة على خلق حقبة جديدة وطي صفحة وفتح أخرى؟!.

احميدة عياشي

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑