من صنع الثورة؟


1795513_262245920608964_985463354_n[1]

أحسن بوشة

من صنع الثورة؟

هذا المقال عبارة عن رأي فقط في أحداث نعرفها قرأناها أو سمعناها ممن عاشوا الثورة,هو قول في من يقولون ان الثورة صنعتها النخبة العسكرية فقط…والحقيقة أن الشعب هو من إحتضن الثورة واعطاها الوقود للاشتعال.

أولا:القلة التي فجرت الثورة لم تكن لتذهب بعيدا لولا التفاف الشعب وتجنده بالرجال وتموينه بالغذاء…هذا ما أعرفه شخصيا لأنني ولدت في بيت كان مقرا لكوماندوس الولاية الثانية اعطته العائلة للولاية وسكنت الكوخ المحاذي ,وعلى بعد مئات الأمتار فقط من مقر صوت العرب وعلي كافي والعربي الميلي في تازة….والثورة لم تكن لتستمر لولا المشاركة الشعبية في المدن والقرى بكل ماتملك.
شهيدنا الضابط عمار بوالطين جند ثمانين شابا في بداية الثورة من عرش بني افتح وبني عيشة,والشعب ال خدم سبعة سنين كاملة في نقل التموين للثورة ،بنقل قوافل الزيت والمؤونة بين مختلف النواحي والمناطق في الولاية.

ثانيا:حكم جماعة العسكريين المنضبطين، كان ضروريا ايام الثورة لنجاحها، غير أن مؤتمر الصومام فضل قيادة السياسي على العسكري وذلك بمساعدة عبان وربما بن مهيدي كذلك وغيرهما ممن فضل السياسي على العسكري,عميروش وزيروت شبه همشوا في المؤتمر…حسب رواية علي كافي فقد وبخ كريم بلقاسم عميروش بسبب تعرض وفد الولاية الرابعة الى كمين وهو في طريقه الى المؤتمر…رغم أنهم هم من كان يحارب في الجبال ويواجه فرنسا يوميا.
زيروت رجع غاضبا وقضى الليلة في منطقتنا في مركز عبور بوالسبع ,وقال للشهيد بوالطين الذي وفر له حراسة عبور المنطقة,,الثورة ستنتصر ولكن بعد الاستقلال وبعد المجاهدون سيكون تابعون ثم منافقون……
أعود الى الصراع بعد مؤتمر الصومام وبعد تخلص الباءات الثلاثة من عبان بتهمة الخيانة والاتصال بفرنسا في سبيل حل تفاوضي سياسي،إستطاع بومدين في قيادة الأركان من الانقلاب على قائده بوالصوف…والانقلاب على بن خدة مع جماعة وجدة غداة الاستقلال.

ثالثا: عندما تزايد ضغط فرنسا على الثورة سنة 1958-59وقعت خلافات في تسيير الثورة بين جيش الداخل وقيادة الثورة في تونس,ووقع اجتماع عقداء الداخل سنة 1959 في منطقتنا بالمنازل اولاد عسكر,جاء اربعة من قادة ولايات الداخل، وغاب العقيد علي كافي رغم ان الاجتماع كان في مقر ولايته وقد لامه العقيد الحواس على ذلك,وسبب غياب كافي انه كان مع قيادة الخارج وسلطتها على قيادة الداخل….غداة الاستقلال وقفت ولايتنا الثانية مع الثالثة ضد جيش الحدود، وعارض بوبنيدر والميلي جيش الشرق,وتمردت قسنطينة والتقى الحيشان وجه لوجه نواحي بني صالح في جبال الزان نواحي قالمة عنابة ووقعت مفاوضات لتجنب القتال, وصعد جيش الولاية الثانية الى جبال تكسانة حتى جاء مبعوث بومدين الشاذلي بن جديد للتفاوض معهم وأسر في جبل مشاط بالميلية قبل اطلاق سراحه.
على كل حال كل قادة الولايات استشهدوا او قتلوا,او همشوا بعد الاستقلال ما عدا علي كافي الذي ترك ولايته والتحق بتونس وترك نائبه صوت العرب سي صالح بوبنيدر لخلافته في الولاية الثانية.

الخلاصة هي ان الثورة الجزائرية ، وككل الثورات، خططت لها نخبة مناضلة شابة شبه عسكرية، ونفذها شعب بكل فروعه مدني وعسكري،رجال ونساء….غير ان قطف ثمارها إستأثرت به مجموعة واحدة وهي النخب العسكرية المنتصرة في الصراع الذي حدث غداة الاستقلال، اما الشعب وخاصة في القرى والمداشر فقد همش ولم ينل الا القشور.

أضف تعليق

أنشئ موقعاً أو مدونة مجانية على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑