ياسف سعدي:العربي بن مهيدي لم يطلق رصاصة واحدة ضد الاستعمار !


2014_yacef_saadi_4_8547837732014_Yacef_Saadi_01_2014_509725205
ياسف سعدي في حوار مثير لـ”الشروق” / الحلقة الأولى

العربي بن مهيدي لم يطلق رصاصة واحدة ضد الاستعمار !

حوار: وردة بوجملين

يروي العقيد ياسف سعدي في هذا الحوار المطول والمثير لـ”الشروق”، تفاصيل مسيرة كفاحه ضد المستعمر الفرنسي، منذ طفولته إلى مرحلة الاستقلال، مرورا بأهم المحطات التي جمعته بأبرز قادة ثورة نوفمبر المجيدة وسبب خلافاته مع بعضهم، والتي جعلته يقزم بطولات العديد منهم وتخوين بعضهم، كما عرج ياسف المعروف بـ”تخوينه” لعدد من رموز النضال في الجزائر، بعد إلحاح شديد، على قصة إلقاء القبض على العربي بن مهيدي بعد الوشاية التي وقعت ضده، وملابسات القضية في ذلك الوقت، كما تطرق في النهاية إلى أسباب ابتعاده بعد الاستقلال عن حقل السياسة، حيث فضل الرجل التنازل عن منصب “وزير” الذي قلده إياه الرئيس الأسبق الراحل أحمد بن بلة، مفندا ما ورد في مذكرات السفاح أوساريس حول “خيانته للثورة وتقاضيه لمنحة من الحكومة الفرنسية إلى يومنا هذا”.

كيف بدأت قصة العقيد ياسف سعدي مع الكفاح ضد المستعمر الفرنسي؟

أذكر أنني كنت ورفاقي وعمري لم يتجاوز 13 سنة، نقوم بكتابة عبارات مناهضة للاستعمار على الجدران بالطباشير ونهرب، كنا في ذلك الوقت أطفالا صغارا، ثم انتقل الكفاح إلى الفنانين الذين يحيون حفلات الأعراس على غرار الفنان محمد العنقى، وبعد انقضاء العرس أقوم رفقة مجموعة من الشبان لأداء الأناشيد الوطنية وأناشيد أخرى عن فلسطين. وهكذا نشأنا متشبعين بالروح الوطنية.

انخرطت بعدها في “حزب الشعب” إلى جانب مصالي الحاج وغيره من قادة الحزب، وجاءت بعدها أحداث 8 ماي 45، وكنت وقتها أعمل كسكرتير في ثكنة عسكرية فرنسية، كان عمري في ذلك الوقت 17 سنة هربتُ خوفا من اكتشاف أمري رفقة صديقين لي خوفاً من اغتيالنا خاصة وأننا كنا من بين المشاركين في المظاهرات على مستوى العاصمة، وأصبحت بعدها أعمل مع والدي في المخبزة التي يملكها، ثم انخرطنا في “المنظمة السرية” وعملت مدرباً للمنخرطين في صفوف الثورة، حيث كنت أقوم بتلقين الفدائيين كيفية استعمال السلاح والطريقة التي يهجمون بها على العدو وكيفية رمي القنابل ومختلف التقنيات الخاصة بالقتال، وكل ذلك كان يندرج في إطار التحضير لثورة الأول من نوفمبر، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان بعد الخيانة التي حدثت في “المنظمة السرية”، وأصبحت إلى جانب كل من ديدوش مراد وعبان رمضان ورابح بيطاط محل بحث من طرف السلطات الاستعمارية، فهربتُ إلى فرنسا حتى لا يُكتشف أمري، وبعد سنتين هدأت الأوضاع فعدت إلى أرض الوطن واستأنفت العمل في مخبزة والدي كما في السابق وبقينا نترقب تطورات الوضع.

وفي تلك الفترة انعقد اجتماع جماعة الـ22، وكان زعماء النضال قد باشروا في إطلاق حملات التوعية لكسب تأييد الشعب وتوعيته بضرورة تفجير الثورة في كامل التراب الوطني، وعلى رأسهم بن بولعيد الذي كان في الأوراس، ديدوش في قسنطينة، رابح بيطاط، محمد بوضياف، بن بولعيد، كان هؤلاء يلتقون جميعا بالقصبة وكان ديدوش مراد يتكفل بإقامتهم في القصبة، لأنه من عائلة ميسورة الحال وكان يملك مخبزة، وعندما يفكرون في اللقاء أو الاجتماع يقصدون كشيدة الذي كان يملك محلّ خياطة، وبقي الحال على ما هو عليه إلى أن قرروا تفجير الثورة، وأعقب ذلك انطلاق شرارتها في مختلف أنحاء التراب الوطني بعمليات فدائية.

ما هي المهمة التي كلفت بها عقب انطلاق الثورة؟

أذكر أنني كلفت في تلك المرحلة رفقة شخص يدعى “تشيكو” بقتل شخص يدعى لعزيب بعد أن منحوني السلاح من أجل ذلك، ولكنني فشلت بسبب خلل في المسدس، بعد ذلك ذهبت إلى مخبزة ديدوش مراد وبقيت انتظره وإذا بهم يخبرونني أنه في قسنطينة، بينما كان رابح بيطاط في ذلك الوقت قد التحق بالعاصمة، وقام هو الآخر بنصب كمين لعسكر فرنسا بالبليدة رفقة أوعمران وكريم بلقاسم، كما قتل بن بولعيد في ذلك اليوم فرنسياً.

وأذكر أنه في بداية الثورة طلب رابح بيطاط أن يعمل في العاصمة، والعربي بن مهيدي كان يحكم وهران، وديدوش مراد الذي سبق وأن عمل في قسنطينة طلبوا منه مواصلة الكفاح هناك، وكنت في ذلك الوقت مناضلا تحت قيادة ديدوش مراد.

وماذا عن العربي بن مهيدي؟

العربي بن مهيدي الذي كنا نلقبه بـ”الحكيم” كان في ذلك الوقت في وهران ولم يعمل يوما في العاصمة، والتقيته في وهران عندما ذهبت إليه لأبلغه بموعد الاجتماع الذي دعا إليه قادة الثورة لتقييم ما حققته في بدايتها. ولكنه كان عضواً في لجنة التنسيق والتنفيذ ولم يطلق رصاصة واحدة في حياته على المستعمِر.

كيف تعرّفت على رابح بيطاط؟

جاء رابح بيطاط ولم يكن يعرف أحدا، ولم يجد أحداً، لأنَّ الذين كانوا ينشطون على مستوى العاصمة كانوا يعرفون ديدوش مراد فقط، فقالوا له بإمكانك الاتصال بالمدعو مولود حمزاوي رحمه الله والذي كان يملك محلا لحلاقة الرجال، وبالفعل التقاه، فجاء به حمزاوي إليَّ وكنت عندها في مخبزة والدي، حيث أصبحت أعمل بعد حل المنظمة السرية.

وجاء بيطاط إلى المخبزة فأدخلته إلى غرفة داخل المخبزة، وأخذنا نتبادل أطراف الحديث، فقال لي “لم أجد أحداً، فقلت له: أنا هنا، وأعربت له عن استعدادي للجهاد ولتقديم كل الدعم للثورة واستضفته في بيتي. وبينما كنا جالسين معا قدمت له مبلغاً يقدر بـ7000 دج بقيمة الدينار الجزائري في ذلك الوقت، وضعتها على المائدة وقلت له: هذا كل ما أملك، ثم أردفت متسائلا: “هل نستطيع نحن الاثنين أن نواجه فرنسا بهذه الإمكانيات البسيطة؟”، فرد عليّ بلهجة مفعمة بالأمل والتفاؤل قائلا: “طيب، في الأول يجب أن نتواصل مع بقية قادة الثورة في مختلف أنحاء التراب الوطني”، فلم أعارض ذلك وبالفعل ذهبت إلى مغنية وباتنة وإلى السمندو -منطقة تقع بين قسنطينة وسكيكدة- للقاء ديدوش وذهبت إلى القبائل وذهبت إلى سويداني بوجمعة بمنطقة الشبلي من أجل ربط حبل التواصل فيما بينهم وإبلاغهم بموعد اللقاء الذي سيجمع قادة الثورة شهر جانفي لتقييم الثورة، وانضمّ عبان رمضان الذي كان قد غادر السجن في ذلك الوقت بعد أن قضى فيه مدة خمس سنوات وبقي في ميشلي تحت الإقامة الجبرية، وقال كريم بلقاسم في ذلك الوقت إنه لو كان عبان رمضان خارج السجن لكان ضمن جماعة الستة الذين فجروا الثورة بالنظر إلى الذكاء والحنكة اللذين كان يتمتع بهما، بالإضافة إلى وطنيته الكبيرة، جاء عبان رمضان إلى القصبة في ذلك الوقت والتحق بنا.

أنت من أحضره إلى القصبة؟

لا.. أعطيناه موعدا في القصبة، ولكن أنا من اصطحبه إلى المكان، وأخذته إلى بيتي حيث كانوا يقيمون ويجتمعون، ولم يكتشفوا أمري في ذلك الوقت بعد.

ومن كان يقيم في بيتك؟

رابح بيطاط، كريم بلقاسم، أوعمران وعبان رمضان، لمين دباغين الذي خرج فيما بعد من السجن، مهري كذلك كان قد غادر السجن فبعثناه إلى الخارج. أعود إلى حديثي لقد مكثوا في بيتي وأذكر أنني اقتنيت لهم بدلات جديدة من عند صديقٍ لي، وعند اجتماعهم قرروا عزل العاصمة عن أي نشاط ثوري.

كيف كانت ردة فعلك على اعتبار أنك كنت تنشط بالعاصمة في ذلك الوقت؟

عارضتُ ذلك القرار بشدة وأصررت على ضرورة أن تكون العاصمة من بين المدن التي يجب أن تُكثف فيها العمليات الفدائية وقلت لهم “أنتم مخطئون يجب أن نركز على العاصمة لأن أخبار الثورة ستنتشر في العالم بأسره وهذا هدفنا، بينما لو اقتصر عملنا الثوري على الجبال والولايات الداخلية فستبقى أخبارُها حبيسة تلك المناطق ولن يسمع بنا أحد، وبلغ النقاش بيني وبينهم حد التنازع، وفي الأخير قالوا لي “أتكل على ربي”.

ما هي الإستراتيجية التي انتهجتها في بادئ الأمر؟

ركزت على استقطاب خيرة المثقفين الذين كانوا يترددون على قهوة التلمساني بالقصبة، والذين شرعوا في الدعاية للثورة من أجل تجنيد المناضلين وكذا ضمان التموين للثورة، بينما بقيت أنا مع رابح بيطاط الذي أرسلني إلى مختلف أنحاء التراب الوطني للقاء قادة الثورة.

وفي تلك الفترة ظهر “الجودان” وكان معنا في المنظمة السرية ولكنه أصبح عميلاً للسلطات الاستعمارية، اقتحم التنظيم وتغلغل بيننا وأذكر أنه قال لنا “لقد جئت عبر الحدود وتوجد وسيلة لإدخال السلاح من تونس إلى الجزائر وسأجلب لكم مخطط إدخاله إلى العاصمة فيما بعد”، وبقي المدعو “الجودان” معنا بعد أن أقنعنا بأنه شخصٌ جدير بالاتكال عليه، وبدأنا نحضر لعملية إدخال السلاح بجدية لتوزيعه على مختلف أنحاء التراب الوطني، فحدد موعداً للقاء كريم بلقاسم ورابح بيطاط من أجل وضع مخطط إدخال السلاح، وفي يوم اللقاء غاب كريم بلقاسم ونزل عبان رمضان لوحده إلى القصبة، والتقاه في مقهى، فقال له عبان: هل جلبتَ المخطط؟ قال له: نعم، وقام “الجودان” بدفع الطاولة على بيطاط واكتشف بعدها أن القوات الاستعمارية كانت تحاصر المكان فأُلقي القبض عليه في تلك الحادثة، كنت في ذلك الوقت في المنزل جالسا وإذا بواكلي وهو صديق لكريم بلقاسم، بالإضافة إلى أن القادة تعودوا على الاجتماع في بيته، يجري وقال لي: لقد ألقي القبض على بيطاط. وعندها أدركت أنه هو وراء تدبير خطة إلقاء القبض على بيطاط.

هل كنت من ضحايا الحادثة؟

نعم، فالشخص الذي يدعى “الجودان” وشى بنا جميعا، وجاء الدور بعدها عليّ، إذ اقتحموا مخبزة والدي حيث أعمل وخربوا كل شيء وحتى أكياس الفرينة لم تسلم من شرِّهم بحثاً عن بقية العناصر، ولكنهم لم يجدوهم لأنهم كانوا يقيمون في ذلك الوقت في “سكالة” حيث استأجرت لهم شقة، ذهبت بعدها إلى تلك الشقة من أجل لقاء عبان رمضان وكريم بلقاسم ولكنني وجدت عبان لوحده، فقلت له لقد ألقي القبض على “سي موح” أي بيطاط، ورويت له تفاصيل الحادثة فقال لي “عرفتها.. وكنت حاسس بلي هذاك الجودان ماهوش صافي”، فقلت له: ننتظر قدوم كريم بلقاسم. فقال لي لن أنتظر وفتح الباب قائلا: “تعرفون أين تجدونني”، وبقيت أنا بالمكان في انتظار كريم بلقاسم وإخباره بما حدث حتى يحترس ويتخذ احتياطاته، بعدها بيومين جاء عبان رمضان إلينا، ولأنه كان مثقفا وشجاعا، أصبح مسؤولا على كريم بلقاسم وأوعمران وغيرهم من المجاهدين.

قمت بتكوين جماعة من المناضلين وباشرنا العمل الثوري، وشيئا فشيئا بدأت الثورة تستقطب كافة شرائح الشعب الجزائري وهناك باشرنا عمليات تجنيد واسعة.

كيف كنتم تتعاملون مع المجندين خاصة في ظل انتهاج فرنسا لسياسة نشر عملائها من الجزائريين بين تنظيمات المجاهدين؟

هذا صحيح، كنا نعمل بالشكل التالي: كل شخص يتولى تجنيد مجموعة من الأشخاص، ويحرص على عدم معرفتهم لبعضهم البعض وتسميتهم بأسماء أخرى غير أسمائهم الحقيقية وحتى الشخص الذي يدرِّب الجنود يقوم بالتنكّر بإخفاء وجهه حتى لا يتعرف أحد عليه، وكل هذا حتى نقاوم الحملات الشرسة التي كان الاستعمار الفرنسي يقوم بها ضدنا لإضعافنا.

كيف كنتم تجمعون الأسلحة؟

كنا نحصل عليها من خلال العمليات الفدائية التي كنا ننفذها، فأول ما نقوم به هو تجريد الشرطي من السلاح، ولهذا عمدت سلطات الاحتلال على إعطاء تعليمات صارمة بربط المسدس بسلسلة من حديد حتى لا نتمكن من تجريده من السلاح حتى بعد قتله.

أصرت المرأة الجزائرية على أن تكون عنصرا فاعلا في الحرب التي قام بها الجزائريون ضد الاستعمار الفرنسي، كيف كانت تتم عملية تجنيد النساء؟

في ذلك الوقت لم تكن النسوة قد انخرطن في العمل الثوري بجد ولكن فيما بعد وبعد القنبلة التي انفجرت بحي “شارع تاب” في أوت 1956، أدركت المرأة الجزائرية ضرورة وأهمية التحاقها بالعمل الثوري والعمل جنبا إلى جنب مع الرجل، ولكن العمل الثوري لم يكن يتطلب أي امرأة، فقد كان يتطلب الفتيات الجميلات اللائي بإمكانهن التنقل بين الفرنسيين دون أن يُكتشف أمرهن، وطلبنا من المنظمة السياسية إحضار كل فتاة جميلة الى تنظيم الثورة.

متى كانت بداية “معركة الجزائر” ولماذا أطلق عليها هذا الاسم؟

فرنسا هي التي أطلقت عليها هذا الاسم وليس نحن، وحرب الجزائر انطلقت في كامل أنحاء التراب الوطني في الأول من نوفمبر 1954 وليس في العاصمة فحسب، ولكن هم الذين سموها “معركة الجزائر” في 1956، بعد أن سخروا لها جيشا وأسلحة متطورة.

ما الدافع وراء تسميتها بهذا الاسم؟

كانت فرنسا تأمل في إنجاح هذه المعركة خاصة وأنها عجزت عن تحقيق أي فوز منذ ثلاثين سنة في مختلف الدول التي استعمرتها، وكانوا يعتقدون أنه من السهل عليهم أن يربحوا المعركة في الجزائر خاصة وأنهم يملكون أسلحة متطورة، بينما كنا لا نملك غير بعض المسدسات التي حصلنا عليها من خلال العمليات الفدائية التي نفذناها، ولكن يطلق اسم المعركة عندما يكون الطرفان على مستوى متوافق فيما يتعلق بالإمكانيات، فالفرق شاسع عندما ينفذ فدائي عمليته ثم يهرب وأن تقوم عساكر وهم يمتطون دبابات بالرد على الهجوم، فالفارق كبير ونحن فضلنا هذا النوع من الهجمات “حرب العصابات” لأننا لا نستطيع بإمكانيات جدّ بسيطة أن نواجه فرنسا، وهذا سر تغلّبنا عليهم.

كنت من بين الشخصيات الفاعلة والشاهدة على ما يسمى بـ”معركة الجزائر”، وكيف تم التحضير لها؟

استغلينا فرصة الضعف الذي شهدته فرنسا في تلك المرحلة، خاصة بعد هزيمتها في “ديان بيان فو” بالفيتنام، ولكن في تلك الفترة شهدت الجزائر مرحلة أخرى ميَّزها تصاعد المد والحس الثوري إزاء القضية الوطنية وكنت عندها في حزب الشعب والمنظمة السرية بعده.

كيف تفاعل الشعب مع تلك المعركة التي قامت بالعاصمة، وهل سارع العاصميون إلى تجنيد أنفسهم في صفوف جيش التحرير؟

عندما لاحظ سكان العاصمة تصاعد التفجيرات والعمليات الفدائية التي كنا نقوم بها يومياً ضد فرنسا، أصبحوا يتقدمون لتجنيد أنفسهم والخضوع لحصص تدريبية من أجل مباشرة العمل الثوري.

كيف كنتم توزعونهم على مختلف أنحاء العاصمة؟

كانت الجزائر العاصمة تابعة للولاية الرابعة، وبعدها قلت لهم إنه من الصعب تسيير العاصمة من أي ناحية أخرى ويجب أن يعمل فيها أشخاصٌ منها يعرفون خباياها، فقسّمت العاصمة إلى ثلاث مناطق مع اندلاع ثورة نوفمبر، منطقة من الحراش إلى أول ماي، ومنطقة ثانية من أول ماي إلى القصبة، ومنطقة ثالثة من القصبة إلى باب الوادي. وبعد أن كانت الجزائر العاصمة أو “المنطقة الحرة” تحت وصاية الولاية الرابعة أصبحت منطقة لوحدها.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ياسف سعدي: بن مهيدي هو قائدي العبقري وقدوتي الأول

نفى المجاهد ياسف سعدي أن يكون قد تعمّد الإساءة إلى الشهيد البطل العربي بن مهيدي، حينما أعلن “أنه لم يطلق رصاصة واحدة في حياته”، مؤكدا أن كلامه بهذا الخصوص فُهم على وجه الخطإ.

وصرّح في اتصال مع “الشروق”، أن ما قاله كان في معرض الإشادة والإكبار بالقائد العربي بن مهيدي، وليس الانتقاص أو التقليل من مكانته الكبيرة في الثورة التحريرية، حيث وصفه بالعبقري الذي لم يكن من المنطقي أبدا أن توظفه الثورة في عمليات فدائية أو تكلفه بتنفيذ تفجيرات أو اغتيالات لجنود الاستعمار.

فقد تمثلت مهمته العليا في القيادة السياسية والتنظيمية والإعلامية.

وأضاف ياسف سعدي: لقد كان تحت تصرفي 5000 فدائي في العاصمة، فهل يُعقل أن أترك جميع هؤلاء المسبّلين، وأقبلَ بإقحام قائدي الأول “سي العربي” في عمليّات حربية؟ “بل لو طلب منّي أن أوفّر له مسدّسا لهذا الغرض، لم أكن لأمنحه إياه”، لأنّ هذا “الرجل الاستثنائي” في ثورتنا لم يكن مُيسّرا لمثل هذه المهام الصغيرة، بل هو القائد الأعلى الذي يشرف ويخطط ويثمّن الأعمال الثورية في الميدان السياسي والدبلوماسي والإعلامي، على حدّ قوله.

وعاد ياسف سعدي في حديثه لـ “الشروق”، ليشدّد على أنه لم يقصد إطلاقا ما جاء في “إيحاء” عنوان الحلقة الأولى من حواره للجريدة، بل إنه اعتبر في أكثر من مناسبة أن الشهيد العربي بن مهيدي كان قائدا متفوقا على الجميع، بأفكاره ومقترحاته وأدواره، “فكيف يمكن أن أسيء إليه اليوم، أو أنفي عنه صفة المجاهد، في حين كنت دومًا أرى حتّى الأطفال الذين صفّقوا للأفلان أنّهم مجاهدون”.

وأضاف: “لقد كان الشهيد بن مهيدي يعيش بين الفدائيين، وأنا من وفّر له وثائق شخصية، يتحرك بها في العاصمة منتحلاً صفة رجل آخر، لكن ما كنّا نطلبه منه هو أن يمنحنا عقله نفكّر به، بدل سواعده”. فقد كان زعيما عبقريا بكل المقاييس، مثلما يؤكد ياسف سعدي.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑